400 يوم على الحرب الروسية الأوكرانية.. ضحايا بلا عدد وخسائر بالجُملة!
2.8 تريليون دولار تكلفة الحرب على العالم بنهاية 2023
411 مليار دولار تكلفة إعمار أوكرانيا
76 مليار دولار مساعدات غربية لـ«كييف»
14 ألف عقوبة غربية على روسيا
بوتن يتحدى الغرب.. وزيلينسكي: لن نترك أثرًا لروسيا على أرضنا
400 يومًا مرت على الحرب الروسية الأوكرانية، ولا زالت أصداء الحرب وتأثيراتها الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والصحية والإنسانية أيضًا، تخيم بظلالها على العالم أجمع، بل وأعادت الحرب تشكيل القوى العالمية من جديد.
بوتن وزيلينسكي.. وجهًا لوجه
تزامنًا مع مرور 400 يوم على الحرب خرج الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، ليعلن أن أوكرانيا ستنتصر على الجبهة، ولن تترك أثرًا لروسيا على الأراضي الأوكرانية، وعلى مدار أيام الحرب الـ 400 كانت تصريحات الرئيس الأوكراني تستعطف الغرب للتدخل، وينفي تراجع القوات الأوكرانية في مواجهة الروس.
في المقابل، الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، أكد أن بلاده ستنتج أضعاف مضاعفة من الأسلحة والذخائر التي يقوم الغرب تزويد أوكرانيا بها، كما أعلن على مدار تلك الفترة أن القوات الروسية سجلت انتصارات عديدة، وسيطرت على العديد من المدن الأوكرانية.
سعى الرئيسان الروسي والأوكراني خلال الفترة الماضية، إلى رفع الروح المعنوية للجيوش، في محاولات إلى استمرار المعركة، رغم الضحايا من الجانبين.
الضحايا.. أرقام بلا تأكيدات!
حتي كتابة هذه السطور، لا يوجد أي أرقام حقيقية لضحايا الطرفين في الحرب، سوى تلك التي تعلنها الدول المجاورة، أو تعلنها أيًا من الدولتين المتقاتلتين، وعلى الرغم من عدم دقة هذه الأرقام إلى أنها يتم الاستعانة بها لأنها هي الأرقام الفعلية المتاحة، وتعد آخر إحصائيات عن عدد الضحايا تلك الصادرة بمناسبة عام على الحرب.
قال تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) خلال فبراير الماضي، أن الحرب الروسية الأوكرانية أدت لتضاعف نسبة الأطفال الذين يعيشون في الفقر من 43% إلى 82%، كما يقدر أن 1.5 مليون طفل معرضون لخطر الإصابة بالاكتئاب والقلق واضطراب ما بعد الصدمة وغير ذلك من مشكلات الصحة النفسية.
وأوضح التقرير، أن الوضع خطير بشكل خاص بالنسبة لـ 5.9 مليون شخص من النازحين حاليًا داخل أوكرانيا، فيما ذكر صندوق الطوارئ الدولي للطفولة التابع للأمم المتحدة، أن العدد الإجمالي للاطفال الذين قتلوا في الحرب الروسية الأوكرانية بلغ 487 طفلًا، ولا يوجد تأكيدات حول دقة هذه الأرقام.
وقال جيمس إلدر، المتحدث باسم اليونيسيف، إن هذه الأرقام أقل من العدد الإجمالي، وأن الأرقام الحقيقية أكبر بكثير، ومع مرور عام على الحرب الروسية الأوكرانية، أعلنت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين أن أكثر من 7.2 مليون هو عدد اللاجئين من أوكرانيا المسجلين عبر أوروبا منذ بادية الحرب، وأكثر من 12.6 مليون عدد حالات عبور الحدود من أوكرانيا، وأن هذا الرقم يمثل التحركات عبر الحدود وليس عدد الأفراد، فيما قدر عدد النازحين داخل أوكرانيا بـ أكثر من 6.9 مليون، و65% منهم من النساء.
ووفق منظمة اليونسكو فإن أكثر من 3000 مدرسة و239 موقعًا ثقافيًا تضررت جراء الحرب، بينما قال وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية وبناء السلام روزماري ديكارلو في تصريحات لها، إن مكتب حقوق الإنسان تحقق من وقوع أكثر من 18 ألف ضحية مدنية منذ بدء الحرب، منهم حوالي 7 آلاف قتيل وأكثر من 11 ألف جريح، منوهًة أنه من المحتمل أن تكون الأرقام الفعلية أعلى بكثير.
يأتي ذلك في الوقت الذي أشارت فيه السلطات الأوكرانية إلى أن الأرقام المنشورة عن الضحايا غير حقيقية، وأنه تم توثيق ما يزيد عن 58 ألفًا جريمة حرب ضد المواطنين الأوكران.
التقارير الغربية نشرت أرقامًا غير رسمية حول عدد الضحايا من الجانبين، وبحسب بيانات صادرة من إدارة الأركان الأمريكية مع دخول الحرب عامها الأول، فإن ضحايا الحرب من الجانب الروسي وصلت إلى 100 ألف جندي روسي ما بين قتيل وجريح، و100 ألف جندي أوكراني منهم 40 ألف مدني، فيما وصل عدد اللاجئين الأوكرانيين ما بين 15 و30 مليون مواطن.
فيما قدمت النرويج أرقامًا عن ضحايا الدولتين حيث أعلنت أن الخسائر في صفوف الجيش الروسي بلغت 180 ألف قتيل وجريح، ونحو 100 ألف جندي أوكراني قتيل.
الجانب الروسي نفى هذه الأرقام على لسانه وزير الدفاع سيرجي شويجو، حيث أكد أن روسيا لم تفقد سوى 6 آلاف جندي في الحرب، في المقابل قال الجنرال فاليري زالوجني قائد القوات المسلحة الأوكرانية، إن من قتلوا من صفوف جيشه في الحرب وصلوا حوالي 9 آلاف جندي، وعلى الرغم من هذه البيانات والتصريحات الرسمية إلا أن الأرقام أعلى من ذلك بكثير، ولا يمكن حصرها مع استمرار الحرب بشكل يومي.
العقوبات الغربية على روسيا
منذ بداية الحرب في 24 فبراير من العام 2022، فرضت الدول الغربية العديد من العقوبات الااقتصادية على روسيا، شملت جميع المجالات منها التعاملات البنكية والطاقة والتجارة والنقل والإعلام والتكنولوجيا والرياضة.
وبلغ إجمالي العقوبات المفروضة على روسيا حوالي 14 ألفا و22 عقوبة، وتصدرت الولايات المتحدة الدول الموقعة للعقوبات بواقع 1948 عقوبة، وسويسرا بـ 1782 عقوبة، وكندا بـ 1590، وبريطانيا 1390، والاتحاد الأوروبي 1324 عقوبة، فيما وصل عدد الأفراد الروس المدرجين في قائمة العقوبات حوالي 9 آلاف شخص، و2000 كيان و96 سفينة و24 طائرة روسية.
ومع مرور عام على الحرب أعلنت وزارة المالية الروسية حجم الأصول المجمدة من قبل الدول الغربية بحوالي ما بين 300 و350 مليار دولار، في حين يبلغ احتياطي روسيا من الذهب حوالي 600 مليار دولار، وذلك بعد اعتماد روسيا للذهب كاحتياطي للبلاد بديلًا عن الدولار، في خطوة استباقية اتخذتها موسكو قبيل بدء الحرب، أي أن حجم العقوبات شمل نصف احتياطي روسيا من الذهب.
خسائر اقتصادية بالجُملة
لم يعتقد الكثير من المحللين بعد الضغوطات والعقوبات الغربية على روسيا، أن الاقتصاد الروسي سيصمد كثيرًا، حتى بوتن نفسه قال في تصريحات سابقة له مع مرور عام على الحرب، أنه كان يتوقع أن يحدث هبوط حاد للاقتصاد الروسي، فيما لم يهبط سوى 2.2 % بعد عام على الحرب، وذلك حسب صندوق النقد الدولي، فيما استقر عجز الموازنة بنسبة 2 % من الناتج المحلي كما هو.
التأثير الاقتصادي الطفيف على الاقتصاد الروسي جاء بسبب كونها أكبر مصدر للغاز الطبيعي في العالم، فضلًا عن كونها أكبر مصدر للقمح في العالم، وكذلك الاجراءات الاحترازية التي اتخذها بوتن قبيل بدء الحرب.
مجلة فوربس الأمريكية قدرت تكلفة الصراع بالنسبة لروسيا بحوالي 82 مليار دولار، وهو ما يمثل ربع الناتج المحلي لروسيا.
على الجانب المقابل، فتكت الحرب بالجانب الأوكراني من جميع النواحي، وبعيدًا عن الحسابات والأرقام الدقيقة فإن عملية إعادة إعمار أوكرانيا ستكلف المليارات نظير ما لحق بها من أضرار في جميع المناحي، شبكات الكهرباء والاتصالات والتكنولوجيا والمباني، وغلق المصانع والمدارس وتوقف سلاسل الإمداد والتصدير.
وفي آخر إحصاء لكلية كييف للاقتصاد، فإن خسائر أوكرانيا بلغت حوالي 138 مليار دولار وذلك بعد مرور عام على الحرب، في حين قدرت الحكومة الأوكرانية تكلفة إعادة الإعمار بحوالي 350 مليار دولار.
بينما قدر تقرير حديث مشترك من الحكومة الأوكرانية والبنك الدولي والمفوضية الأوروبية والأمم المتحدة، إلى أن تكلفة إعادة إعمار أوكرانيا قد تصل إلى 411 مليار دولار على مدار السنوات العشر المقبلة، وربما ستستمر في الارتفاع طالما استمرت الحرب.
أما على الصعيد العالمي، تضررت العديد من دول العالم اقتصاديًا بسبب الحرب الدائرة، بسبب توقف سلاسل الإمداد، وهو ما أدى إلى أزمة غذاء في الجنوب الأفريقي، وارتفاع أسعار الطاقة.
وحسب دراسة حديثة للمعهد الاقتصادي الألماني، فإن اقتصاديات العالم فقدت حوالي ثلثي إنتاجها، فيما كلفت الحرب العالم حوالي 1.3 تريليون دولار، كما حدث تضخم بنسبة 10 % في أسعار الطاقة.
أما منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، والتي تضم 38 دولة في عضويتها، فإن الحرب الروسية الأوكرانية ستكلف العالم بنهاية العام الجاري 2023 حوالي 2.8 تريليون دولار، وأنه يوجد احتمالية لزيادة هذا الرقم الضخم خلال الشتاء بسبب أزمة الطاقة، وكل هذه الأزمات جاءت وسط محاولات المجتمع الدولي التعافي من الآثار الاقتصادية التي تركها فيروس كورونا.
وفي المقابل أيضًا، وصلت مساعدات الدول الغربية المادية لأوكرانيا إلى حوالي 77 مليار دولار، وهو المبلغ الأكبر في تاريخ المساعدات، وذلك وفقًا لمعهد كيل الألماني للاقتصاد العالمي، منها ما يزيد عن 46 مليار دولار مساعدات عسكرية، و 26.4 مليار دولار مساعدات اقتصادية، و 3.9 مليار دولار مساعدات غذائية وإنسانية، وذلك حتى يناير من العام الجاري.